
ألقى إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور أحمد بن علي الحذيفي خطبة الجمعة مسلطا الضوء على المكانة المحورية لكلمة التوحيد لا إله إلا الله في حياة المسلم. وأكد فضيلته أن هذه الكلمة هي أعظم ما يمكن أن يملأ القلوب وأصدق ما تنطق به الألسن وأساس الأعمال التي تنهض بها الجوارح وهي المبدأ والغاية في عقيدة المؤمن.
وأوضح الشيخ الحذيفي أن مفهوم هذه الكلمة العظيم يكمن في إفراد الله وحده بالعبادة فلا يستحق أي مخلوق مهما علت مكانته أن يُصرف له أي شكل من أشكال العبودية. فالله جل شأنه هو وحده المتصف بالربوبية الكاملة المطلقة وله الكمال في الذات والصفات والأسماء والأفعال بينما كل من سواه يظل محلا للضعف والافتقار. ومن خلال هذا الإقرار يتحرر الإنسان من عبودية الخلق فلا ينحني قلبه أو جسده إلا لخالقه ومولاه.
وقد استهل فضيلته خطبته بتوصية المسلمين بتقوى الله التي تعد أساس كل أمر ومنتهاه فالتقوى هي سبيل السعادة في كل الأوقات. وذكر أن كلمة الإخلاص لا إله إلا الله هي التي قامت عليها السماوات والأرض ومن أجلها خُلقت جميع الكائنات وبها أرسل الله رسله وأنزل كتبه وشرع شرائعه. وهي أساس الملة التي أُسست عليها القبلة ومفتاح دار السلام وهي حق الله على عباده كافة وعنها سيسأل الأولين والآخرين يوم القيامة.
وبيّن أن الله سبحانه وتعالى شهد لنفسه بهذه الكلمة العظيمة وأشهد عليها ملائكته وأولي العلم وهي بذلك أجل شهادة وأصدقها وأعدلها. فالشاهد هو الله والمشهود به هو وحدانيته. وهذه الكلمة ليست مجرد حروف ترددها الشفاه بل هي عقيدة راسخة لها آثارها العميقة فهي كالشجرة الطيبة أصلها ثابت في القلب وفرعها يمتد إلى السماء تؤتي ثمارها الطيبة من الأعمال الصالحة في كل حين بإذن ربها.
وأشار فضيلته إلى أن شهادة أن لا إله إلا الله تستلزم بالضرورة شهادة أن محمدا رسول الله فلا تكتمل الأولى إلا بالثانية. فمعرفة ما يحبه الله وما يكرهه لا تكون إلا عن طريق رسوله المبلّغ عنه وباتباع أوامره واجتناب نواهيه. فمحبة الله تقتضي تصديق رسوله ومحبته واتباعه في كل ما جاء به.
وأضاف أن هذه الكلمة الكريمة هي ثمن الجنة دار النعيم المقيم وذلك عندما تستقر معانيها في وجدان المؤمن وترتوي بها روحه. وقد استشهد بحديث أبي هريرة حين سأل النبي عن أسعد الناس بشفاعته يوم القيامة فأجابه بأنه من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه.
وفي زمن يموج بالمتغيرات والمؤثرات فإن القلب الذي امتلأ بعقيدة التوحيد يجد السكينة والطمأنينة عند تقلبات الأقدار لأنه يوقن أن له إلها حكيما يدبر كل شيء بمقدار. فالنفس المرهقة بأعباء الحياة تجد في ظلال هذه الكلمة الراحة والأمان. وكان نبي الله يلجأ إليها عند الكرب قائلا لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم. وحث الخطيب المسلمين على أن تلهج ألسنتهم بها وأن تملأ قلوبهم يقينا بها.