
فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجموعة جديدة من الرسوم الجمركية المرتفعة التي تصل إلى 40 بالمئة على واردات الولايات المتحدة من 14 دولة حول العالم، في محاولة لمعالجة العجز التجاري. ومن المقرر أن يبدأ تنفيذ هذه القرارات اعتبارا من الأول من أغسطس، وسط تزايد القلق الدولي من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى ارتفاع أسعار السلع واضطرابات في الأسواق العالمية. وتشمل هذه الإجراءات دولا مؤثرة اقتصاديا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وبلدان شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا، مما قد يترك تداعيات كبيرة على الاستقرار الاقتصادي ليس فقط في المنطقة بل على مستوى العالم.
وفي تفاصيل الرسوم الجديدة، وجه ترامب رسائل رسمية إلى قادة كل من اليابان وكوريا الجنوبية لإبلاغهم بفرض تعريفة تبلغ 25 بالمئة، فيما فُرضت نسب أعلى على دول أخرى، مثل تايلاند وكمبوديا التي وصلت تعريفتها إلى 36 بالمئة، بينما تنوعت الرسوم بين 25 و40 بالمئة على ماليزيا وكازاخستان وجنوب إفريقيا ودول أخرى. وهذه القرارات تستهدف تقليل العجز التجاري الذي بلغ 465 مليار دولار قيمة السلع المستوردة من هذه الدول سنويا، حيث تشكل المنتجات القادمة من اليابان وكوريا الجنوبية نحو 60 بالمئة من هذا الرقم. وتشير تقديرات إلى أن أسعار السيارات وأشباه الموصلات وغيرها من السلع الأساسية قد ترتفع بشكل ملحوظ، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على المستهلكين وصناعة التجزئة العالمية.
امتد تأثير القرارات سريعا إلى الأسواق، حيث شهدت أسهم شركات السيارات اليابانية مثل تويوتا ونيسان تراجعات بلغت أكثر من سبعة في المئة، في ظل حالة من القلق بين المستثمرين حيال التبعات الممكنة لارتفاع الأسعار وتأزم سلاسل التوريد. وأظهرت مؤشرات الأسواق المالية مثل داو جونز انخفاضا بلغ 422 نقطة، مع توقعات بأن تمتد هذه التوترات إلى أسواق آسيا وأوروبا.
وفيما يتعلق بردود الفعل الدولية، رحبت اليابان وكوريا الجنوبية بقرار تمديد مهلة تطبيق الرسوم حتى الأول من أغسطس، ما يمنحهما فرصة للتفاوض وطرح حلول بديلة قد تجنبها التعريفات مرتفعة التكلفة. رئيس الوزراء الياباني شكل لجنة خاصة لبحث اتفاق ثنائي مع الولايات المتحدة، بينما حذرت كوريا الجنوبية من اتخاذ إجراءات حاسمة إذا استمرت اضطرابات السوق. تايلاند عبرت عن استعدادها للتفاوض وطرحت مقترحات تصب في صالح الطرفين، في حين انتقدت جنوب إفريقيا دقة البيانات التجارية الأمريكية وطالبت شركاتها بتنويع أسواقها، أما ماليزيا فأكدت التزامها بمواصلة الحوار لحل الأزمة.
وشهدت قطاعات عديدة، مثل صناعة السيارات وأشباه الموصلات والمنسوجات، توقعات بارتفاع أسعارها عالميا مع إمكانية حدوث اختناقات في سلاسل التوريد. وتبرز المخاوف من أن تساهم هذه الزيادات في إطلاق موجة تضخم عالمية تؤثر على الاقتصادات الناشئة بشكل خاص، ومنها اقتصادات الشرق الأوسط.
يراهن ترامب على أن تؤدي هذه السياسة إلى تحفيز الشركات لنقل إنتاجها إلى داخل الولايات المتحدة، غير أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام تصعيد تجاري عالمي على شكل حرب رسوم متبادلة. وحتى الآن لم يصدر الاتحاد الأوروبي ردا رسميا على الإجراءات الأمريكية، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان هو الآخر سيتعرض لضغوطات مشابهة. الأسئلة تظل قائمة بشأن قدرة الدول المتأثرة على التعامل مع هذه التحديات ومدى فاعلية التفاوض في تهدئة الأوضاع وسط مناخ اقتصادي يزداد توترا.