
تواصلت الجهود الدبلوماسية المكثفة لإنهاء الصراع في قطاع غزة مع زيادة الضغوط الدولية وتفاقم الأوضاع الإنسانية، فيما أرسلت إسرائيل خلال الساعات الماضية وفدًا تفاوضيًا إلى الدوحة لبحث شروط اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، وذلك تزامنًا مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن. تأتي هذه التحركات بعد شهور من الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023، حيث تسببت العمليات العسكرية المتصاعدة في ارتفاع أعداد الضحايا بشكل كبير، في الوقت الذي تسعى الجهات الدولية للوصول إلى تسوية تُنهي القتال وتحسن الأوضاع الإنسانية في القطاع.
توضح وثيقة مسربة من بنود المقترح المتداول أن وقف إطلاق النار سيستمر لمدة ستين يومًا، وتلزم الخطة حركة حماس بتسليم عشرة رهائن أحياء وثمانية عشر جثة، في مقابل انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى منطقة عازلة تقع عند الحدود بين غزة وكل من إسرائيل ومصر. وتتضمن البنود أيضًا إدخال كميات ضخمة من المساعدات الإنسانية يتولى توزيعها الهلال الأحمر الفلسطيني ووكالات الأمم المتحدة. غير أن المقترح لا يقدم تفاصيل حول مستقبل مؤسسة غزة الإنسانية التي تدير توزيع المساعدات الغذائية منذ مايو 2025 والتي تدفع إسرائيل لاعتمادها بديلًا عن النظام المعتمد حاليًا للأمم المتحدة.
يشمل المقترح إطلاق سراح عدد من المعتقلين الفلسطينيين لدى إسرائيل مقابل إطلاق سراح الرهائن، دون تحديد دقيق للأعداد. وترفض حركة حماس صيغة الهدنة المؤقتة دون ضمانات لإنهاء الحرب بالكامل وانسحاب القوات الإسرائيلية بشكل نهائي، فيما تكتفي الوثيقة بضمان بدء مفاوضات جديدة خلال فترة وقف النار فقط. كما يحمل المقترح مفاجأة في أن الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب سيقدم ضمانًا شخصيًا يلتزم فيه بمتابعة تنفيذ إسرائيل للاتفاق والإعلان عنه علنًا، في خطوة هدفها طمأنة حماس بعد خرق هدنة سابقة في مارس 2025.
ترافق هذه التحركات السياسية تصعيد كبير على الأرض، فقد شهدت غزة أمس هجمات جوية وصفت بالعنيفة أدت إلى سقوط 38 ضحية فلسطينية، بينهم 20 في مدينة غزة و18 آخرون في منطقة المواصي، حيث يقيم الآلاف من النازحين في ظروف إنسانية صعبة. وأعلن الجيش الإسرائيلي قصف أكثر من 130 موقعًا قال إنها تابعة لحماس وتستخدم كمخازن أسلحة ومراكز قيادة. كما استمر النقص الحاد في المساعدات الإنسانية شمال القطاع منذ مارس، رغم إدخال دفعات جديدة من المؤن بحسب إعلان إسرائيل.
عقبات عدة تعترض طريق التوصل لاتفاق نهائي، إذ تصر حماس على ضمان انسحاب إسرائيلي كامل ووضع حد نهائي للحرب، بينما يواجه المقترح رفضًا إسرائيليًا لأي التزامات تعطل العمليات العسكرية حتى القضاء الكامل على حماس. وطالبت حماس بإجراء تعديلات لم تُعلن تفاصيلها، مما أطلق مخاوف من إمكانية تعقيد المفاوضات المؤجلة بالفعل، فيما تزيد رغبة إسرائيل في استبدال الأمم المتحدة بمؤسسة غزة الإنسانية من صعوبة التوافق حول إدارة توزيع المساعدات.
رغم التقدم في مساعي وقف إطلاق النار، لا يزال الغموض يحيط بمصير الصراع وتبعاته، خصوصًا في ظل استمرار سقوط الضحايا وتجاوز عدد القتلى الفلسطينيين منذ بدء الحرب حاجز 57 ألف شخص، مقابل 1200 إسرائيلي، ويتساءل كثيرون عما إذا كان المقترح الحالي سيمثل مدخلاً لتحقيق تهدئة دائمة أم أنه مجرد حل مؤقت في تصعيد طويل الأمد.