
تشهد مدينة الرياض خطوة جديدة في مجال تحديث وتطوير منظومة النقل العام، حيث أعلنت الهيئة الملكية للعاصمة بالشراكة مع مشغل النقل العام عن بدء تشغيل ثلاثة مسارات جديدة ضمن شبكة حافلات الرياض، بدءًا من يوم السبت السادس من يوليو 2025. هذه المبادرة تأتي ضمن المرحلة التوسعية الهادفة إلى تحسين خدمات النقل الجماعي وتعزيز التكامل بين الحافلات وقطار الرياض، تماشيًا مع جهود دعم الاستدامة العمرانية وتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة في التنقل اليومي لسكان وزوار المدينة.
التشغيل الفعلي للمسارات الجديدة يوفر تغطية أوسع لمختلف مناطق الرياض، ويعكس سعي الهيئة الملكية إلى الارتقاء بجودة الحياة عبر الاستثمار في مشاريع البنية التحتية الذكية، وتطوير شبكات المواصلات لتشمل مزيدًا من الأحياء السكنية بالإضافة إلى المراكز الرئيسية مثل الجامعات والمراكز الصحية والتجارية. وقد تم التركيز بشكل خاص على محطة جامعة الملك سعود، التي أصبحت محورًا أساسيًا ضمن هذا الامتداد الجديد، من أجل ضمان سهولة الوصول إلى مختلف المناطق الحيوية مع تقليل أوقات الانتظار.
جاءت هذه التوسعة بعد مرور أشهر على ربط حي السفارات بشبكة النقل باستخدام حافلات الرياض في مارس الماضي، وهو الأمر الذي نال رضا السكان لما وفره من حلول لتخفيف الازدحام وسهولة التحرك داخل الحي الحيوي. وفي الوقت ذاته، يتماشى هذا التوسع مع الأهداف الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030 في قطاع النقل والخدمات الحضرية، من خلال زيادة الكفاءة وتطوير الخدمات وتقديم مزيد من الخيارات أمام المستخدمين.
ساعات عمل الخطوط الجديدة تمتد من السادسة والنصف صباحًا حتى منتصف الليل، ما يمنح المستخدمين مرونة كبيرة في تنقلاتهم، سواء للذهاب إلى العمل أو الدراسة أو الترفيه، الأمر الذي يدعم تلبية احتياجات شرائح المجتمع المختلفة ويزيد من فعالية المسارات المستحدثة. الحافلات التي تشغل هذه الخطوط تتميز باحتوائها على أنظمة تقنية متطورة مثل التتبع الذكي والجدولة الدقيقة، إضافة إلى تجهيزات توفر الراحة للركاب لجعل تجربة التنقل أكثر تشجيعًا وجاذبية.
الهيئة الملكية أوضحت أن تصميم المسارات جاء بعد دراسة مرورية موسعة شملت تحليل أنماط الحركة والكثافة في الشوارع الرئيسية، مع استطلاع آراء السكان لاختيار أولويات التغطية، لضمان توافق الخدمات مع الاحتياجات المجتمعية. وتؤكد الهيئة أن هذه المسارات تمثل فقط بداية مرحلة توسعات كبرى مقبلة، ستشمل لاحقًا أحياء إضافية مع إدراج مزيد من المسارات الفرعية لربط المراكز الحيوية بشكل أفضل.
وتسعى شبكة حافلات الرياض لتغطية مناطق تعاني نقصًا في خدمات النقل عبر توسيع الخطوط وتطوير نقاط التوقف بما يتوافق مع الكثافات السكانية ومواقع الجذب الهامة كالجامعات والمستشفيات والمراكز التجارية، ويصاحب ذلك حملات توعية عبر المنصات الرقمية والشاشات الذكية المنتشرة داخل المحطات لتعريف المستخدمين بالخدمات الجديدة وآليات الدفع الإلكتروني وطرق المتابعة عبر التطبيقات.
تساهم هذه الخطوة بشكل مباشر في تخفيف حدة الازدحام المروري وتقليل استهلاك الوقود والانبعاثات الكربونية من خلال تشجيع استخدام وسائل النقل الجماعي، بدلاً من الاعتماد التام على السيارات الخاصة، ما يحسن من جودة البيئة والمحافظة على الطاقة. ومن جانب آخر، توفر الشبكة الجديدة للحافلات مزايا اقتصادية عبر تقليل التكاليف اليومية على الأسر وزيادة الإنتاجية من خلال اختصار الوقت أثناء التنقل اليومي.
ويأتي الإعلان عن تشغل المسارات الجديدة في ظل اتساع النمو العمراني والسكاني للعاصمة، الأمر الذي جدد الاهتمام بتطوير البنية التحتية للنقل تماشياً مع الاحتياجات المتزايدة. وتستمر الهيئة الملكية في مراقبة أداء الحافلات عبر مؤشرات الأداء الرئيسية وتقييم رضا المستخدمين لضمان التحسين المستمر ومعالجة التحديات التشغيلية في مراحل التنفيذ.
الهيئة أكدت أهمية التوعية المجتمعية بدور النقل الجماعي، معتبرة التفاعل الإيجابي للسكان والمقيمين أحد العوامل الحاسمة لنجاح مشروعات النقل العام وتحقيق تأثيرها المنشود على مستوى الاقتصاد والبيئة وجودة الحياة في مدينة كالرياض.