
شهدت العلاقات الرسمية بين المملكة العربية السعودية وإندونيسيا تطورا ملحوظا على مدى عقود طويلة، حيث كانت السعودية من أولى الدول التي اعترفت بإندونيسيا عقب استقلالها في عام 1948 أثناء عهد الملك عبدالعزيز آل سعود، وهو ما وضع أسساً راسخة للتعاون الثنائي شمل العديد من القطاعات أبرزها قطاع الطاقة، ليصبح اليوم التعاون السعودي الإندونيسي واحداً من النماذج المميزة للشراكات الاستراتيجية في آسيا.
في مجال الطاقة، يبرز التعاون بين الرياض وجاكرتا كإحدى الدعائم الرئيسية لترسيخ العلاقات بين البلدين. وقد شهد الشراكة نقلة كبيرة مع زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى إندونيسيا في نوفمبر 2022، حين وقّع ممثلو الدولتين مذكرة تفاهم شملت التعاون في مجالات النفط والغاز والكهرباء والطاقة المتجددة والهيدروجين النظيف وكفاءة الطاقة، وغيرها من المجالات ذات الصلة. هذه الاتفاقية أسست لقاعدة متينة اتسعت بعدها مجالات التعاون وارتفعت مستويات التبادل في قطاع الطاقة إلى أرقام غير مسبوقة.
ومن خلال متابعة نتائج الاتفاقيات الجديدة، برزت شركة أرامكو السعودية بوصفها أكبر مزود للنفط إلى إندونيسيا، إذ بلغ متوسط حجم الإمدادات السنوية نحو 11 مليون برميل. كما تحوز أرامكو الحصة الأكبر من سوق البنزين الإندونيسي، إذ تتراوح بين 25 إلى 30 في المئة، مما يعكس اعتماد إندونيسيا بشكل رئيسي على السعودية في تأمين احتياجاتها من الطاقة ومشتقاتها، ويبرهن على قوة الروابط الاقتصادية المتبادلة.
وقد حفلت زيارة رئيس إندونيسيا برابوو سوبيانتو الأخيرة إلى المملكة بالعديد من الاتفاقات التي عززت من مكانة التعاون الطاقي بين الجانبين، وذلك خلال أشغال الاجتماع الأول لمجلس التنسيق الأعلى السعودي الإندونيسي، الذي ترأسه كل من ولي العهد السعودي والرئيس الإندونيسي. وتوصل الجانبان إلى اتفاقات لتوريد النفط الخام ومشتقاته، وشملت المباحثات أيضا البتروكيماويات واستكشاف فرص استثمارية في مجالات التكرير، تطوير سلاسل الإمداد، واستدامة مشاريع الطاقة والكهرباء والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى دعم مشاريع تخزين الطاقة.
هذه الاتفاقات المتنوعة والتركيز المستمر على مجالات الطاقة، يعكس تنامي الأهمية الاستراتيجية التي توليها كل من السعودية وإندونيسيا لشراكتهما، خاصة في قطاع الطاقة، والذي يعد عنصراً محورياً يدعم المصالح المشتركة ويساند الأمن الاقتصادي للطرفين.