
أسفرت دراسة أجراها معهد ماساتشوستس للتقنية، وتم الإعلان عن نتائجها عبر منصة arXiv العلمية، عن تحذيرات بشأن التأثيرات السلبية للاعتماد المتزايد على أدوات الذكاء الاصطناعي في الكتابة، وذلك بعد متابعة امتدت لأربعة أشهر تضمنت مراقبة أدمغة أشخاص أثناء قيامهم بمهام كتابية. وأظهرت الدراسة أن المشاركين الذين لجأوا إلى الذكاء الاصطناعي في الكتابة سجلوا انخفاضا واضحا في نشاطهم الذهني مقارنة بمن كتبوا بأنفسهم دون مساعدة، إذ تراجع الترابط العصبي الداخلي في أدمغة المستخدمين بنسبة 47 في المائة، فيما كان 83 في المائة من هؤلاء غير قادرين على تذكر حتى جملة واحدة بعد دقائق قليلة من إتمام مهامهم الكتابية، ووصف البحث هذا الأثر “بالضمور المعرفي الصامت”.
وبالإضافة إلى النتائج البيولوجية، رصدت الدراسة أن إنتاج الذكاء الاصطناعي للمقالات قد جذب تقييمات إيجابية على مستوى الصياغة والشكل، إلا أن المقيمين وصفوا تلك النصوص بأنها تفتقر للروح وتبدو سطحية، وهو ما يثير الشكوك حول تأثير الاعتماد على التكنولوجيا في تراجع جودة التفكير النقدي والتحليلي لدى المستخدمين.
وفي هذا السياق، أشار الدكتور فيصل حاكم الشمري، الأكاديمي بجامعة المجمعة والمتخصص في الذكاء الاصطناعي، إلى أن المملكة قطعت خطوات جادة في تبني وتدريب الأفراد على استخدام هذه التقنيات، إلا أن نتائج الدراسة تستدعي التوقف لإعادة النظر، ولا سيما في ظل الانتشار الكبير لأدوات الذكاء الاصطناعي في مؤسسات التعليم السعودية. وأعرب عن قلقه من أن الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تراجع مهارات التفكير والتحليل ليس فقط لدى الطلاب، وإنما كذلك لدى المعلمين والمسؤولين الإداريين.
ودعا الشمري إلى اعتماد استراتيجية تقوم على الاستخدام المعتدل لأدوات الذكاء الاصطناعي، بحيث يُستفاد منها كمساعد في تطوير المهارات، وعدم منحها دور البديل عن المهارات البشرية. كما أكد على أهمية رفع مستوى الوعي الرقمي بالمجتمع السعودي، لتعزيز الاستخدام المسؤول والمستدام للتقنيات الجديدة.
كما شدد الدكتور الشمري، الذي يقدم تدريبات في الذكاء الاصطناعي لتطوير الأعمال، على ضرورة تطوير أطر تربوية وأنظمة تنظيمية محلية للتحكم في طريقة توظيف الذكاء الاصطناعي داخل المنظومة التعليمية، وحث على تحقيق توازن يضمن استفادة الأجيال القادمة من التقنية مع المحافظة على قدراتهم الذهنية.
وطالب الشمري الجامعات والباحثين في المملكة بمواصلة جهود البحث وإجراء دراسات محلية تلتفت للواقع الثقافي والتعليمي في السعودية، وذلك لتقييم التأثير الفعلي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي على المدى البعيد.