
شهدت قوات الدفاع الجوي في المملكة العربية السعودية حدثًا تقنيًا بارزًا مع الإعلان عن تخريج أول سرية عاملة من منظومة الدفاع الصاروخي ثاد، عقب انتهاء عمليات اختبار وفحص وتشغيل المنظومة الحديثة، بالإضافة إلى تنفيذ تدريب ميداني مكثف للعناصر السعودية المشغلة. ويعد ذلك خطوة مهمة تعكس بداية تشغيل المنظومة فعليًا داخل البلاد، ما يرفع مستوى حماية الأجواء السعودية ويعزز من قدرة المملكة على الدفاع عن منشآتها الحيوية في مواجهة التهديدات الصاروخية الخارجية.
السعودية أبرمت اتفاقية كبيرة مع الولايات المتحدة الأمريكية عام 2017 بهدف شراء سبع بطاريات كاملة من نظام ثاد، تتضمن 44 منصة إطلاق و360 صاروخ اعتراض وسبعة أنظمة رادار متطورة من نوع ANTPY2، فضلًا عن 16 وحدة متنقلة متخصصة في مكافحة الحرائق. وبلغت القيمة الإجمالية لهذه الصفقة الدفاعية نحو 15 مليار دولار، مما يعكس حجم الاستثمار في تعزيز قدرات الدفاع الجوي الوطني.
مؤخرًا، دخلت المملكة مرحلة توطين بعض مكونات منظومة ثاد، وذلك بعدما أعلنت شركة لوكهيد مارتن الأمريكية عن إنتاج أول دفعة من مكونات منصات إطلاق النظام بالتعاون مع الشركة العربية الدولية للإنشاءات الحديدية محليًا، في خطوة ملموسة نحو دعم الصناعات العسكرية السعودية ونقل التكنولوجيا المتقدمة إليها.
وقد صُمم نظام الدفاع الصاروخي ثاد، الذي يحمل اختصار Terminal High Altitude Area Defense، خصيصًا لاعتراض وتدمير الصواريخ الباليستية على ارتفاعات عالية سواء داخل الغلاف الجوي الأرضي أو خارجه. ويتكون النظام من أربعة قطاعات رئيسية تشمل: قاذفات متحركة مثبتة على شاحنات، وصواريخ اعتراض عالية الدقة، بالإضافة إلى منظومة رادار قوية، ونظام إدارة متكامل للمعركة والقيادة والسيطرة والاتصالات والاستخبارات.
تتيح المنصة المتحركة إمكانية نقل الصواريخ وحمايتها وإطلاقها بسرعة وكفاءة، حيث تتمتع أيضًا بوظيفة إعادة تحميل سريعة تعزز من سرعة الاستجابة. أما الصواريخ الاعتراضية فتعتمد على تصميم يتألف من معزز أحادي المرحلة ورأس مدمر يستخدم تقنية الاصطدام المباشر المعروفة بـ”hit-to-kill” لتفجير الهدف بدقة عالية.
ويقوم رادار ثاد المتطور بمهام المراقبة وتتبع الأهداف والتحكم بعملية الإطلاق، كما يوفر ارتباطًا مباشرًا مع الصواريخ خلال تحليقها، ما يضمن مرونة عالية في التعامل مع التهديدات. يبلغ مدى الصاروخ الاعتراضي في النظام بين 150 إلى 200 كيلومتر، في حين يستطيع رادار ANTPY2 اكتشاف وتتبع الصواريخ الباليستية ضمن نطاق يتراوح من 870 إلى 3000 كيلومتر، ما يمنح المملكة تغطية رادارية واسعة وإمكانيات عالية للإنذار المبكر.