اكتشاف كنز نحوي نادر في مركز الملك فيصل بعد قرون من الإهمال

اكتشاف كنز نحوي نادر في مركز الملك فيصل بعد قرون من الإهمال

أعلن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية عن إصدار عمل نحوي نادر من التراث الأندلسي تحت عنوان الفصول والجمل في شرح أبيات الجمل وإصلاح ما وقع في أبيات سيبويه وفي شرحها للأعلم من الوهم والخلل، للمؤلف ابن هشام اللخمي، أحد أبرز نحاة الأندلس في القرن السادس الهجري. جاء هذا الإصدار في ثلاثة مجلدات محققة على يد الدكتور عياد بن عيد الثبيتي، بعد سنوات من العمل على دراسة عدد من المخطوطات المحفوظة في المغرب والأندلس، خاصة نسخة ابن يوسف بمراكش التي اتسمت بندرتها ووجود طمس في أجزاء منها.

الكتاب يرتبط ارتباطاً وثيقاً باثنين من المصادر الرئيسة في النحو العربي، هما كتاب سيبويه الذي يشكل أساس النحو العربي منذ القرن الثاني الهجري والجمل للزجاجي الذي كان مصدراً تعليمياً مؤثراً على أجيال من النحاة. تميز ابن هشام بمقاربته النقدية للأبيات النحوية الواردة في هذين الكتابين، حيث قام بشرحها وتصحيحها ومراجعة الشروح السابقة للأعلم الشنتمري، وبيّن مواضع الخلل والأخطاء، كما اقترح بدائل وتحليلات لغوية تعتمد على فهم عميق لنصوص العربية وتقاليدها.

بلغ اهتمام ابن هشام بالنصوص النحوية أنه استدرك على كتاب سيبويه في أكثر من اثنين وستين موضعاً، مقدماً ملاحظات علمية دقيقة نابعة من الرغبة في التقويم والتوضيح وليس المعارضة، مع تحليل يبرز تمكنه من فهم الشواهد الشعرية وبنية اللغة العربية القديمة. اتسمت استدراكاته بالموضوعية والاعتماد على طرق استدلال عميقة، مما أعطى عمله مكانة متميزة ضمن الأدبيات النحوية في الأندلس.

الإصدار يمثل منظومة متكاملة من التحليل النحوي والرؤية الفلسفية والتأصيل العلمي، حيث شمل التحقيق إحصاء الشواهد الشعرية في كتاب الجمل ومقارنتها برواياتها في كتاب سيبويه، كما تناول تأويلات ابن هشام وتصويباته بشكل يعكس استقلاليته الفكرية وسعيه لإعادة بناء منظومة نحوية قائمة على التدقيق والمراجعة.

عززت الدراسات التمهيدية والفهارس العلمية والمعاجم التي أُلحقت بالمجلدات من قيمة العمل، وسهلت للمتخصصين والباحثين الرجوع إليه واستخدامه، مما دعم مكانته كمرجع أكاديمي معتمد.

صدر هذا العمل ضمن سلسلة مجلة الدراسات اللغوية التي يواصل المركز تطويرها لتكون منصة رئيسة في مجال الدراسات اللغوية، ويأتي ذلك في إطار مشروع أوسع يتبناه المركز لإحياء التراث العربي وتحقيقه، مؤكداً أهمية هذه المتون في تأصيل المعرفة اللغوية وربط حاضر البحث العلمي بالجذور الحضارية العميقة للغة العربية.