
يشكل متحف دار الفنون الإسلامية في جدة بارك وجهة فريدة لعشاق التراث والمقتنيات التاريخية، إذ يعتبر أول متحف متخصص في المملكة يركز على عرض روائع الفن الإسلامي. يوفر المتحف للزائرين تجربة مميزة تتيح لهم الاطلاع على أكثر من ألف قطعة أثرية تمثل حقبات زمنية وأقاليم متعددة من الحضارة الإسلامية، كما يبرز قيم الإسلام وجوانب الموروث الحضاري والاجتماعي الذي ساد المجتمعات الإسلامية قديما. هذا التنوع يوفر نافذة مهمة لاستكشاف تطور الفنون في العالم الإسلامي تحت سقف واحد.
المتحف يتوزع إلى ستة أجنحة، وكل جناح يسلط الضوء على جانب معين من ثقافة وتراث المسلمين. الجناح الأول يركز على تطور صناعة الخزف والزجاج بدايةً من القرن الأول إلى القرن العاشر الهجري، ويستعرض حضور الفخار كواحد من أقدم الصناعات التي أبدع فيها المسلمون، وأدخلوا عليها الكثير من التطويرات. أما الجناح الثاني فيعرض التحف المعدنية الإسلامية التي أُنتجت بين القرنين الأول والثالث عشر للهجرة، ويضم أواني ومشغولات معدنية أبدع المسلمون في زخرفتها وتزيينها بطرق متنوعة لتلبية احتياجات حياتهم اليومية.
الجناح الثالث مخصص للمسكوكات الإسلامية ويضم 500 قطعة نقدية تعود إلى فترات زمنية مختلفة، بدءا من العصر النبوي وصولا إلى العصور الحديثة، وتشمل القطع نقودا من الذهب والفضة والنحاس، بينها مجموعة من النقود المنقوش عليها كلمة نجد والتي أُصدرت بقرار من الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، في خطوة لإصلاح الوضع النقدي آنذاك.
من جانب آخر، يبرز الجناح الرابع التأثير الواسع للفنون الإسلامية على الحضارات الأخرى بين القرنين الثاني والثالث عشر الهجري، ويبين الدور المهم للهدايا التي أرسلها حكام المسلمين إلى قادة الغرب في تعريف أوروبا على حرفية وإبداع الفنان المسلم.
أما جناح المخطوطات الخامس، فيضم مخطوطات قرآنية تعود إلى الفترة ما بين القرنين الثاني والرابع عشر الهجري، بجانب نماذج متنوعة من فنون الخط العربي وعدد من الألواح الخشبية التي استُخدمت في تحفيظ القرآن الكريم.
الجناح السادس يُعنى بالمنسوجات التي استُخدمت في كسوة الكعبة من الداخل والخارج، بالإضافة إلى عرض نموذج لستارة الباب الشامي بالمدينة المنورة، والتي صُنعت خلال العصر العثماني في القرن الثالث عشر الهجري.
تكتمل رحلة الزوار في المتحف بزيارة مكتبته التي تضم مجموعة من الكتب العربية والإنجليزية النادرة، وتتناول موضوعات تتصل بالتراث والتاريخ الإسلامي، كما تعكس مسيرة الثقافة الإسلامية وانعكاسها على الآداب والعلوم المختلفة عبر العصور، شاهدة بذلك على مساهمات المسلمين العظماء في الحضارة الإنسانية.