
شرعت إسرائيل في تنفيذ خطة مثيرة للجدل تهدف إلى نقل أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى معسكر جديد يُقام على أطلال مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، الأمر الذي أثار موجة استنكار واسعة على الصعيدين المحلي والدولي. يأتي الإعلان عن هذه الخطوة في ظل مخاوف من تداعياتها على مستقبل سكان غزة، ووسط تحذيرات من منظمات حقوقية وخبراء قانونيين من خطورة القرار على الوضع الإنساني والقانوني للمدنيين الفلسطينيين، إذ يرون فيها تهديدًا لتغيير ديموغرافي قسري في القطاع، وانتهاكًا صريحًا للقانون الدولي.
وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي إسرائيل كاتس أوضح خلال لقاء مع صحفيين أن الجيش الإسرائيلي يعتزم إنشاء معسكر جديد في رفح يُخضع الفلسطينيين القادمين إليه لفحوصات أمنية صارمة، مشيرًا إلى أنهم لن يُسمح لهم بمغادرة المخيم بعد إدخالهم إليه. وتبدأ الخطة بنقل ما يقدر بنحو 600 ألف فلسطيني غالبيتهم من النازحين الموجودين حالياً في منطقة المواصي، على أن يشمل التهجير مستقبلاً معظم سكان غزة. تقارير صحافية إسرائيلية وغربية أكدت أن الحديث يدور عن مخطط طويل الأمد يهدف إلى تهجير سكان القطاع بشكل تدريجي.
وتزامن الإعلان عن هذه الخطة مع زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن ولقاءه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث يتعرض نتنياهو لضغوط لوقف الحرب المستمرة منذ ما يزيد عن 21 شهراً والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. إلى جانب ذلك، ذكر كاتس إمكانية بدء تنفيذ مشروع المعسكر الإنساني أثناء تطبيق هدنة مؤقتة في غزة، وأشار إلى مساعٍ تقودها حكومة الاحتلال لإقناع دول باستقبال الفلسطينيين المرحلين، ما أثار موجة كبيرة من الجدل حول حقيقة نية إسرائيل.
وضمن أروقة الحكومة الإسرائيلية، تلقى المشروع دعماً من شخصيات سياسية بارزة، بينهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ممن يشجعون على إقامة مستوطنات إسرائيلية جديدة داخل القطاع بعد تهجير الفلسطينيين، كما طرح مؤخراً موضوع إنشاء مناطق عبور إنسانية لإيواء السكان الفلسطينيين مؤقتًا، استناداً إلى تقارير من وكالة رويترز عن وجود مباحثات مع إدارة ترامب بشأن هذه المسألة.
في السياق ذاته، وصف محامون وخبراء قانونيون، من ضمنهم الناشط الحقوقي الإسرائيلي مايكل سفارد، الخطة بأنها تصنف جريمة ضد الإنسانية طبقًا للقانون الدولي، مبينين أن انتقال آلاف المدنيين إلى جنوب قطاع غزة استعدادًا لترحيلهم خارج القطاع يمثل انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية، كما أكد أن مثل هذه الإجراءات القسرية تجعل الزعم بأن المغادرة طوعية غير مقبول قانونياً.
وتتوالى التساؤلات حول حقيقة نوايا الحكومة الإسرائيلية ومدى استجابتها للضغوط الدولية، خاصة بعد إدلاء نتنياهو بتصريحات في البيت الأبيض تفيد بأن الفلسطينيين يغادرون غزة طوعًا، وهو ما قوبل بتشكيك من أطراف كثيرة اعتبرت الإجراءات المفروضة على سكان غزة إجبارية وتهدف لتغيير التوزع الديموغرافي للقطاع دون موافقتهم. وتراقب الأوساط السياسية والإعلامية عن كثب تأثير التحركات الدولية إزاء هذا التطور، وسط تحذيرات من تداعيات غير مسبوقة على الوضع الإنساني في المنطقة.