
شدد الدكتور معتوق عبدالله الشريف، الباحث في التنمية المستدامة، على أهمية تبني القطاع الخاص لمشاريع أنسنة المدن، عبر إدماج التقنيات الذكية في البنية التحتية وتعزيز حلول الاستدامة، من بينها الاستفادة من الطاقة الحركية الناتجة عن حركة المشاة والمركبات لإضاءة الشوارع. ورأى الشريف أن هذا التوجه يدعم الرؤية المستقبلية للمدن الذكية ويؤسس لبيئة حضرية متطورة تحافظ على الموارد وتقلل من استهلاك الكهرباء، مع تقديم تجربة عيش تتسم بالراحة والأمان للسكان والزوار على حد سواء.
أشار الشريف إلى أن عدداً من المدن الكبرى حول العالم، منها لندن وباريس، بدأت بالفعل في تنفيذ تجارب عملية تستند إلى تركيب بلاطات ذكية في الأرصفة وميادين المشاة العامة. هذه البلاطات، مثل نوع Pavegen، تحول الطاقة الناتجة عن خطوات الأشخاص إلى كهرباء تستخدم مباشرة في إنارة الطرق أو شحن الأجهزة الذكية، مع إمكانية تخزين الفائض منها للاستخدام عند الحاجة في فترات الذروة أو انقطاع التيار الرئيسي.
وأوضح الشريف أن التقنية المعتمدة تقوم على استثمار حركة الأقدام عبر مسارات المشاة، حيث يمكن أن يولد تراكم الخطوات في المواقع المزدحمة كالمجمعات التجارية أو الأسواق أو حتى الشعائر الموسمية، كالحج، طاقة كافية لإنارة أحياء أو أماكن بالكامل. كما أشار إلى دور الطاقة الناتجة عن حركة المركبات التي تعبر تلك الممرات في تعزيز حجم الإنتاج الكهربائي الكلي، مؤكداً أن ذلك يقلل من الانبعاثات الكربونية ويوفر تكلفة الطاقة على المنشآت والبلديات.
وتحدث الشريف عن المزايا الأخرى لمثل هذه الأنظمة الفاعلة، من بينها تشجيع السكان على ممارسة الحركة والمشي اليومي، بالإضافة إلى تعزيز مستوى سلامة الطرق، حيث يؤدي وجود الإضاءة المستمرة إلى تقليل معدلات الجرائم والحوادث ليلاً. وذكر كذلك البعد الاقتصادي لهذه المشاريع، إذ تساهم في خفض النفقات التشغيلية، وتدعم جهود التحول إلى الطاقة النظيفة.
ودعا الشريف الجهات الاستثمارية المحلية إلى المساهمة الفعلية في تنفيذ تلك المبادرات من خلال الشراكة مع الهيئات الرياضية والقطاعات ذات الصلة، لافتاً إلى أن هذا الحل التقني الذكي لا يقتصر على الإضاءة فحسب، بل يمثل خطوة نوعية لإرساء معايير عالمية في تخطيط المدن المستدامة وتنويع مصادر الطاقة بما يتواءم مع أحدث التطورات وتراجع التكلفة، مما يوطد مكانة المدن السعودية والعربية ضمن قائمة الحواضر العالمية المتقدمة بيئياً وتقنياً.