الاستشارات الإدارية تدعم تحول الرياضة: الحبشان يؤكد دورها الجديد بعصر الرياضة

الاستشارات الإدارية تدعم تحول الرياضة: الحبشان يؤكد دورها الجديد بعصر الرياضة

تشهد الرياضة السعودية اليوم تحولات متسارعة يقودها توجه رؤية المملكة 2030، حيث لم يعد النشاط الرياضي مجرد ترفيه، بل أصبح صناعة اقتصادية متكاملة تدر استثمارات ضخمة وتوفر آلاف فرص العمل وتسهم بشكل فعال في الناتج المحلي. في هذا المشهد، تبرز الاستشارات الإدارية بوصفها أداة محورية لتحسين الكفاءة وزيادة الإيرادات ضمن مشروعات القطاع الرياضي، وهو ما اعتبره الدكتور خالد بن سعد الحبشان، المتخصص في حوكمة الشركات، رافعة جديدة لنهضة الرياضة ودعم الكفاءات الوطنية.

الحبشان أكد أن الإدارة في المؤسسات الرياضية تحتاج اليوم إلى أساليب مدروسة بعيدة عن العشوائية، موضحًا أن العصر الجديد يتطلب خططًا دقيقة وتحليلاً مستمرًا وتقييمًا شاملاً، خاصة أن الأندية السعودية أصبحت كيانات تجارية بقيمة سوقية كبيرة، وأي خطأ إداري قد يكلف خسائر بملايين الريالات أو يؤدي لتراجع تنافسي ملحوظ. لذلك يرى أن مبادئ الحوكمة وإدارة المخاطر والاستدامة والتحليل الرقمي لم تعد أمورًا جانبية، بل هي أدوات أساسية للإدارة الرياضية المعاصرة.

وبالاستناد إلى تقارير عالمية مثل SURJ وBlueWeave Consulting، سلط الحبشان الضوء على نمو سوق الرياضة السعودي الذي تجاوز 7.8 مليارات دولار أمريكي في عام 2024، وسط توقعات بوصوله إلى 15.6 مليار دولار بحلول عام 2031 بمعدل نمو سنوي يزيد على عشرة بالمئة. واعتبر هذه الأرقام مؤشرًا على بنية مستقبلية متطورة تتطلب وجود استشاريين إداريين ذوي خبرة عالية ومتخصصين في المجال الرياضي.

وأشار الحبشان إلى نجاح نماذج محلية مثل أكاديمية مهد الرياضية التي أرست قواعد علمية لصناعة المواهب في المملكة، وذلك عبر التعاون مع خبرات عالمية مثل جوزيه مورينيو وإنفانتينو، وتبني أنظمة دقيقة لإدارة الأداء والحوكمة والتوجيه الفني. هذه التجربة تعكس أهمية الفكر الإداري وتنظيمه في تحقيق التميز الرياضي.

كما أوضح أن شركات دولية مثل Deloitte وMcKinsey تلعب دورًا بارزًا عبر تقديم الاستشارات المالية والاستراتيجية لأندية عالمية كبرى، فيما تستفيد أندية في الولايات المتحدة من الاستشارات لتطوير تجربة الجماهير ومنتجاتها الرقمية وتعزيز التكامل بين المحتوى والإعلانات والرعايات التجارية، ما يعيد التأكيد على أن الإدارة والرياضة يشكلان خطابًا واحدًا لا ينفصل.

مع تزايد توجه خصخصة الأندية وتحولها إلى شركات، يرى الحبشان أن المملكة بحاجة إلى منظومة استشارية رياضية محلية قادرة على دعم المستثمرين، وتحليل المتغيرات ووضع الخطط الاستراتيجية وفق أعلى المعايير العالمية. ودعا إلى تأسيس شركات وطنية متخصصة في الاستشارات الرياضية، مع تطوير برامج تعليمية متقدمة لتأهيل الكوادر الوطنية وتنمية شراكة فاعلة بين الجامعات والاتحادات الرياضية، بهدف توفير حلول تطبيقية عملية تواكب التحول الجاري.

واقترح الحبشان إطلاق برنامج وطني لتأهيل “الاستشاري الرياضي” يشابه برامج التأهيل في قطاعات المال والتحول الرقمي، ويكون بإشراف وزارة الرياضة و”منشآت” والجامعات وبالشراكة مع بيوت خبرة دولية، وذلك لصنع مسار مهني يحتضن الشغف الرياضي والاحتراف الإداري في الوقت ذاته.

الحبشان يرى أن نجاح الرياضة السعودية اليوم لم يعد رهناً فقط باستقدام المواهب الخارجية أو استضافة البطولات العالمية، بل أصبح مرتبطًا أكثر من أي وقت مضى بجودة التنظيم الإداري والممارسات المهنية التي تدير الأندية والمؤسسات خلف الكواليس. وبرأيه، أصبح مجال الاستشارات الإدارية فرصة للطاقات السعودية لتقود مسارات التغيير وتسهم في تصدير الخبرات الإدارية للعالم، وترسيخ الدور الإداري في بناء مستقبل الرياضة داخل المملكة وخارجها.