تفشي التهاب السحايا في غزة يحذر من كارثة صحية للأطفال بسبب نقص الرعاية

تفشي التهاب السحايا في غزة يحذر من كارثة صحية للأطفال بسبب نقص الرعاية

تشير التقارير الطبية والأممية إلى تزايد أعداد الإصابات بالتهاب السحايا بين الأطفال في غزة بشكل مقلق في ظل تدهور المنظومة الصحية الناتج عن استمرار الحرب لأكثر من واحد وعشرين شهراً. يعيش القطاع أزمة حقيقية في تقديم الرعاية الصحية للأطفال، حيث تتفاقم المخاطر بسبب النقص الحاد في مرافق الاستشفاء، وفقدان أدوات التشخيص والتحاليل، وعجز المستشفيات عن استيعاب المزيد من الحالات. وسط هذه الظروف، تحذر المنظمات الدولية والناشطون الصحيون من كارثة متوقعة قد تتفاقم مع استمرار النزوح وتدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.

في مستشفى ناصر، جنوب القطاع، تمثل قصة الطفلة شام البالغة من العمر ستة عشر شهراً صورة لمعاناة كثير من أطفال غزة المصابين بالتهاب السحايا، إذ توجهت جدتها أم ياسمين إلى المستشفى وهي تحاول إسعاف حفيدتها بين مؤشرات خطر شديدة أبرزها الحمى الشديدة والتشنجات، مع صعوبة العثور على سيارة إسعاف وانعدام جهوزية المرافق الطبية لعلاج هذه الحالات. وتسرد الجدة معاناتها من تعثر الوصول إلى الرعاية اللازمة، ووصفت حالة الطفلة بأنها كانت على شفا الموت أثناء نقلها إلى المستشفى.

بحسب منظمة الصحة العالمية، هناك ارتفاع ملحوظ في عدد إصابات الأطفال بالتهاب السحايا في القطاع، وهو ما أكده ريك بيبركورن ممثل المنظمة الذي أعرب عن قلقه الشديد من هذا التصاعد، مشيراً إلى أن غياب خدمات الصرف الصحي، وتعطل حملات التطعيم يسهمان بتفشي العدوى والحد من القدرة على السيطرة عليها. كما بيّنت بيانات المنظمة أن التهاب السحايا البكتيري، وهو الأكثر خطورة وينتقل عبر الهواء، يشكل تهديداً متزايداً في بيئة الخيام والأماكن المكتظة، في حين أن النوع الفيروسي، رغم أنه أقل حدة، إلا أنه ينتشر بسرعة في الملاجئ التي تعاني من نقص النظافة وازدياد الازدحام.

من جهته، أوضح الدكتور محمد أبو مغيصيب نائب المنسق الطبي لدى أطباء بلا حدود أن النظام الصحي يواجه ضغوطاً غير مسبوقة، نتيجة غياب الأماكن المخصصة للعزل في المستشفيات وضعف القدرة على التعامل مع الحالات المتزايدة يوماً بعد آخر. ونوّه الدكتور أحمد الفرا رئيس قسم الأطفال بمستشفى ناصر إلى تسجيل ما يقارب أربعين إصابة جديدة بالتهاب السحايا خلال الأسبوع الماضي، شملت حالات من النوعين البكتيري والفيروسي، فيما أفاد تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن مستشفى الرنتيسي للأطفال رصد مئات الحالات خلال الأسابيع الأخيرة.

تعاني المستشفيات التي لا تزال تعمل من نقص كبير في المضادات الحيوية، مع عدم توفر الاختبارات المتخصصة لتأكيد الإصابة وتحديد نوعها بدقة، ما يصعّب من فرص تقديم العلاج الملائم ويعرّض حياة الأطفال للخطر. ويتخوف العاملون في المجال الصحي من تصاعد أعداد الحالات وتحول التهاب السحايا إلى وباء بين الأطفال، خاصة مع استمرار انهيار الخدمات الأساسية وغياب التدخلات اللازمة لاحتواء الوضع الصحي المتدهور في غزة منذ بداية الحرب.