
تشهد المدينة المنورة وعدد من مناطق المملكة العربية السعودية تحديات متزايدة بسبب انتشار سوسة النخيل الحمراء، وهي آفة تهدد نحو 8.3 مليون نخلة في المدينة المنورة وحدها، التي تُعد ثاني أكبر منطقة في المملكة لزراعة النخيل. وتنتج المنطقة سنوياً ما يقارب 220 ألف طن من التمور، الأمر الذي يجعل مكافحة الحشرة قضية مهمة على مستوى القطاع الزراعي والاقتصاد المحلي.
تعود أولى حالات الإصابة بسوسة النخيل الحمراء إلى عام 1987 في محافظة القطيف، وانتقلت لاحقاً إلى مناطق متعددة في المملكة منها الرياض وتبوك في 1989، مكة المكرمة 1992، وحائل والمدينة المنورة والباحة في 1993، القصيم في 1998، نجران في 1999، الجوف في 2015، عسير في 2016، وجازان في 2022، حسب بيانات منصّة استطلاع.
وأوضح الأكاديمي والباحث الزراعي الدكتور عبدالرحمن الصقير أن سوسة النخيل تشكل تهديداً مستمراً لقطاع النخيل، حيث أن الأطوار اليرقية منها تتغذّى بشراهة على الأنسجة الداخلية للنخلة، مسببة أنفاقاً داخل الجذع وتجويفه من الداخل، ما يؤدي إلى ضعفها وسقوطها السريع عند تعرضها للرياح. كما أشار إلى أن دورة حياة الحشرة قصيرة لا تتجاوز أربعة أشهر، إلا أنّ الحشرة قادرة على وضع ما يقارب 500 بيضة خلال هذه الفترة، وتمتاز أيضاً بقدرتها على الطيران لمسافة تصل إلى كيلومتر و200 متر، ما يعزز سرعة انتشارها وصعوبة الحد منها. وجود الحشرات داخل تجاويف النخيل يصعّب من عملية الكشف المبكر، وفي أغلب الحالات، تسقط الأشجار المصابة فجأة دون سابق إنذار. وحتى عند إحراق النخيل المصابة، كثيراً ما تبقى اليرقات أو الحشرات على قيد الحياة.
وتعمل الجهات المعنية على مواجهة السوسة من خلال برنامج وطني خصصت له الدولة أكثر من 1.7 مليار ريال لمكافحة هذه الحشرة، رغم استمرار خسائر القطاع، حيث أظهرت الإحصاءات إزالة نحو أربعة آلاف نخلة في عام 2023 فقط.
ورصد الدكتور الصقير عدداً من التحديات التي تعرقل برامج المكافحة، منها ضعف توفر المعلومات الدقيقة حول انتشار الحشرة وعدم كفاية الوعي لدى بعض المزارعين. كما أن سهولة انتقال وبيع فسائل النخيل المصابة يزيد من انتشار السوسة في مناطق جديدة، فضلاً عن قلة الإمكانات لدى صغار المزارعين.
وفي هذا السياق، شدد الدكتور الصقير على ضرورة التزام المزارعين بفحص أشجار النخيل بانتظام، خاصة خلال مواسم تكاثر السوسة، والتخلص الفوري من الأشجار المصابة أو الميتة، مع الحرص على التعاون مع الجهات المختصة واستخدام المبيدات الحشرية بشكل دوري، إلى جانب الاهتمام بالنظافة العامة وإزالة المخلفات النباتية من المزارع.