إلغاء تأشيرات الدخول للسعوديين: روسيا تعلن رسمياً تسهيل السفر في خطوة تاريخية

إلغاء تأشيرات الدخول للسعوديين: روسيا تعلن رسمياً تسهيل السفر في خطوة تاريخية

شهدت العلاقات السعودية الروسية تطورًا بالغ الأهمية في الساعات الماضية، حيث أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده تعمل على استكمال الإجراءات اللازمة لإلغاء متطلبات التأشيرة المسبقة للمواطنين السعوديين الراغبين في زيارة روسيا. جاء هذا الإعلان خلال مؤتمر صحفي جمع لافروف مع الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي في موسكو، وهو تطور يعكس عمق الشراكة بين البلدين ويؤكد التفاهم الاستراتيجي المتنامي في علاقاتهما الثنائية.

القرار المنتظر يعد خطوة مهمة تتجاوز التسهيلات الإجرائية المعتادة إلى رسالة سياسية واضحة، يبرز فيها كلا الطرفين التزامهما بشراكة قائمة على الثقة المتبادلة واعتبار كل منهما حليفاً استراتيجياً لصاحبه على الصعيد الدولي. كما أعلن وزير الخارجية الروسي أن العمل جار على قدم وساق بين الجهات المعنية في البلدين لإتمام الاتفاق، مع الإشارة إلى أن تنفيذ القرار بشكل عملي قد دخل مراحله النهائية وستعلن تفاصيله فور الانتهاء من الإجراءات.

الوزيران أكدا خلال المؤتمر الصحفي على توافق الرؤى السياسية بين الرياض وموسكو، وبين لافروف أن الدبلوماسية تبقى السبيل الأفضل لحل النزاعات الإقليمية والدولية، موضحاً أن الشراكة الراهنة ترتكز على التفاهم والاحترام المتبادل في التعامل مع القضايا المشتركة عالمياً وإقليمياً.

وللقرار المرتقب انعكاسات اقتصادية وسياحية كبيرة، حيث يُتوقع أن يؤدي تسهيل دخول السعوديين إلى روسيا إلى ازدياد أعداد الزائرين السعوديين الباحثين عن تجربة ثقافية وتاريخية جديدة، في ظل ما تتمتع به روسيا من مقومات جذب سياحي فريدة. وبالمقابل، فإن تسهيل استقبال الروس في المملكة يندرج ضمن مستهدفات رؤية 2030 الطموحة، التي تسعى إلى استقطاب 150 مليون سائح سنوياً وتحويل السعودية إلى وجهة عالمية رائدة في قطاع السياحة. وتعد السوق الروسية من بين أهم الأسواق السياحية المستهدفة لما تحمله من فرص وإمكانات اقتصادية واعدة.

ويأتي هذا الإنجاز الدبلوماسي تتويجاً لمسار طويل من التعاون المكثف بين الرياض وموسكو في عدة مجالات، في مقدمتها قطاع الطاقة من خلال التنسيق تحت مظلة أوبك بلس، الذي أسهم في استقرار أسواق النفط وأرسى أسس الشراكة المتطورة بين الجانبين. ومن شأن إلغاء التأشيرات أن يعزز هذا التكامل ليمتد نحو قطاعات جديدة تشمل التبادل الشعبي والثقافي إلى جانب الاقتصاد والاستثمار.

القرار المزمع من المتوقع أن يكون متبادلاً، إذ يشمل كذلك إعفاء المواطنين الروس من تأشيرة الدخول إلى المملكة في المستقبل القريب. وتكتسب هذه الخطوة أهمية خاصة كون السعودية من عدد محدود من الدول التي تحصل على هذا التسهيل من روسيا، بما يؤكد المكانة الدولية التي وصلت إليها المملكة والدور المتصاعد لها في النظام الدولي.

ويتوافق توجه موسكو نحو تعزيز علاقاتها مع دول الشرق الأوسط وآسيا مع سياساتها الحديثة الداعية لبناء عالم متعدد الأقطاب، قائم على تبادل المصالح والاحترام المتبادل وإبعاد الهيمنة التقليدية، حيث تبدو الخطوة الحالية جزءاً من اهتمام روسيا بتعزيز علاقاتها مع القوى الصاعدة إقليميًا.

يشار إلى أن إلغاء التأشيرات بين الرياض وموسكو لا يمثل فقط تسهيلاً جديداً على مستوى إجراءات السفر، بل هو إنجاز دبلوماسي يعبر عن نضج العلاقات الثنائية وحرص القيادتين على توسيع آفاق الشراكة، والانفتاح ليس فقط بين الحكومات ولكن بين شعبي البلدين في مختلف المجالات.