
تشهد مناطق واسعة من المملكة العربية السعودية اليوم تقلبات مناخية لافتة مع استمرار حالة عدم الاستقرار الجوي، إذ أعلنت الأرصاد الجوية منذ ساعات الصباح المبكرة عن تأثر مناطق عدة برياح قوية محملة بالغبار، ما تسبب بتدني مستوى الرؤية الأفقية إلى مستويات حرجة خاصة على الطرق المكشوفة والساحلية، الأمر الذي يتطلب انتباهاً مضاعفاً من سائقي المركبات ومرتادي الطرق للحفاظ على السلامة العامة.
تشمل تأثيرات الرياح الشمالية الغربية القوية المترافقة بالغبار مناطق الحدود الشمالية وحائل والقصيم والعاصمة الرياض إضافة إلى الشرقية ونجران ومكة المكرمة، وقد سجلّت تقارير طبية زيادة في معاناة المصابين بأمراض التنفس والربو بفعل تصاعد الأتربة وانتشار الغبار الكثيف في الأجواء. وتطال هذه الظروف الطريق الساحلي حتى منطقة جازان مع شبه انعدام للرؤية الأفقية في بعض الفترات، وهو ما يزيد احتمالات وقوع حوادث مرورية ويؤثر كذلك على حيوية النقل البحري والجوي في المطارات والموانئ الواقعة بمحاذاة الساحل.
ورصدت الهيئة في تقريرها الصباحي احتمالية تشكّل سحب ممطرة رعدية فوق المرتفعات الجنوبية الغربية خاصة بعسير والباحة وجازان، مع توقعات بهطول أمطار متفاوتة الشدة قد تتسبب بجريان السيول في بعض الأودية والشعاب. وبيّنت الأرصاد أن هذه الظواهر تأتي ضمن تأثير منخفض جوي يجتاح أجواء المملكة من جهة البحر الأحمر ويمتد نحو أجزاء أخرى من شبه الجزيرة العربية، ليترافق مع اضطراب في الطبقات السطحية للهواء وتذبذب في درجات الحرارة.
أما بالنسبة لحركة الرياح فوق المسطحات المائية، تشير التوقعات إلى رياح شمالية غربية معتدلة إلى نشطة على سواحل البحر الأحمر بسرعة قد تصل إلى 40 كيلومتراً في الساعة، وترتفع معها الأمواج إلى متر ونصف تقريباً، لتكون حالة البحر بين معتدلة إلى شبه مضطربة أحياناً خلال ظهيرة اليوم. بالمقابل، يواجه الخليج العربي رياحاً شمالية غربية نشطة تصل سرعتها إلى 45 كيلومتراً في الساعة، مع ارتفاع الأمواج حتى مترين وتوقع اضطراب متقطع في أحوال الملاحة خلال ساعات الليل المتأخرة، مما قد يؤثر بدوره على أنشطة الصيد والنقل البحري.
وتشير المعطيات الجوية إلى أن موجة الرياح المثيرة للغبار امتداد لاضطرابات بدأت منذ مطلع الأسبوع الجاري، لتشهد المملكة بداية سريعة لفصل جديد من التغيرات الموسمية وتفاوتات درجات الحرارة، ما دفع الجهات المختصة إلى إصدار عدة تحذيرات حول مخاطر الطقس على الأنشطة اليومية المعتادة. وأفادت مراكز الأرصاد بتسجيل مستويات مرتفعة للعوالق الترابية في بعض المدن، صاحبها انخفاض في جودة الهواء وظهور حالات ضبابية نتجت عن تداخل الهواء البارد برياح محملة بالغبار.
ولا تزال فرق الرصد الجوي تعمل على تتبع التطورات باستخدام معدات الرصد الحديثة والأقمار الصناعية بغية توفير تحديث لحظي لسرعة الرياح وتطور الغيوم، سعياً للحد من المخاطر التي تهدد المجتمع جراء التقلبات المتلاحقة. وأكّدت الجهات المختصة ضرورة متابعة تقارير الأرصاد باستمرار، وتجنب مناطق الغبار والأتربة والابتعاد عن عبور الأودية وقت هطول الأمطار، مع توصية باستخدام الكمامات الطبية أثناء التعرض للأجواء المغبرة واتباع التعليمات الصحية الخاصة بفئات كبار السن ومرضى الجهاز التنفسي تجنباً لتفاقم الأعراض الصحية.
ويتوقع متابعون استمرار أو توسع نطاق الرياح المثيرة للأتربة خلال الأيام المقبلة، مع توقع إضافة مناطق أخرى إلى دائرة التأثر، وهو ما يتطلب خططاً احترازية أكبر من أجهزة المرور والطوارئ الصحية. ورغم تكرار التحذيرات، لا يزال البعض يستهين بمخاطر التقلبات الجوية المؤثرة على سلامة المواطنين وتعطيل بعض القطاعات الحيوية كحركة الطيران أو النقل البري.
وتظل الأمطار الرعدية موضع ترقُّب في المحافظات الجنوبية الغربية للمملكة، حيث يعول بعض السكان على غزارة الهطولات لتحسين الوضع المائي، إلا أن قوة الأمطار في بعض الأحيان ترفع من تهديد السيول المفاجئة في المناطق الجبلية. الهيئة العامة للأرصاد والدفاع المدني ينسقان مباشرة لتفعيل خطط الطوارئ واستباق أي تطورات غير متوقعة بما يكفل سلامة المواطنين والمقيمين.
ومن المنتظر أن يصدر المركز الوطني للأرصاد التحديث التالي حول تطورات الحالة الجوية مرفقاً ببيانات دقيقة عن سرعة الرياح وفرص الأمطار، فيما تواصل السلطات الإجراءات الوقائية لتخفيف تداعيات الطقس على جميع القطاعات والفئات.