
شهدت الأودية والفياض في منطقة الحدود الشمالية نموًا ملحوظًا لنبتة الجثجاث الصحراوية، التي تعرف أيضًا باسم رعراع أو جثياث، وذلك خاصة بعد وصول السيول وتوافر التربة الغنية بالطين والرمال. هذا الإقبال اللافت يبرز التنوع النباتي الفريد الذي تتميز به مناطق الشمال في المملكة العربية السعودية، إذ تشكل النبتة جزءًا أساسيًا من الغطاء النباتي الأصلي هناك، وتلعب دورًا مهمًا في النظام البيئي للمنطقة الصحراوية.
الجثجاث هو نبات صحراوي يتبع الفصيلة النجمية ويحمل الاسم العلمي Pulicaria undulata، إذ ينمو إما سنويًا أو يعيش بشكل معمر، ويأخذ شكل شجيرات قزمية يتراوح ارتفاعها ما بين أربعين إلى خمسين سنتيمترًا، وتتفرع منها أغصان عديدة متشابكة تنبت من قاعدة واحدة وتشكل هالة تشبه القبة أو نصف الكرة.
أما أوراق هذا النبات فتتخذ لونًا زيتونيًا يميل إلى الاخضرار، وتتميز بتوزيعها المتبادل وجلوسها على الفروع، إلى جانب ملمسها الخشن الناتج عن طبقة من الشعيرات الدقيقة التي تغلفها وتمنحها القدرة على التكيف مع قسوة البيئة الصحراوية. زهور الجثجاث تتفتح في الربيع، وتبدو على هيئة مجموعات صغيرة ذات لون أصفر قطر الواحدة منها لا يتجاوز ثمانية مليمترات، وتطلق عطرًا قويًا يجذب النحل بكثافة، وهو ما يعزز من أهميتها في تنشيط عملية تلقيح النباتات الأخرى ودعم التنوع البيولوجي في البيئة البرية.
ثمار الجثجاث ذات حجم صغير لا يتعدى اثنين مليمترًا وتحيط بها شعيرات ناعمة، أما جذور النبتة فتمتد بصورة جانبية ووتدية، ما يمكنها من مقاومة الانجراف والثبات في الأراضي الرملية والصخرية. كما أن الجثجاث يظهر قدرة عالية على مقاومة الملوحة، ما يساعده في الاستمرار في بيئات يصعب على النباتات الأخرى احتمالها.
يلعب الجثجاث دورًا أساسيًا في مشاريع إعادة تأهيل الغطاء النباتي وتحسين استدامة الأنظمة البيئية المحلية، حيث يُستخدم في تركيبات بذور متنوعة لإحياء المساحات المتدهورة بيئيًا. بفضل مظهره الجميل وقيمته البيئية، يعكس الجثجاث جانبًا من الهوية البرية للنباتات شمال المملكة، ويؤكد قدرة الطبيعة السعودية على الحفاظ على التنوع الحيوي والتكيف مع الظروف المناخية الصعبة.