
تشهد المناسبات الاجتماعية في السعودية بين الحين والآخر حوادث لإطلاق النار أو حمل السلاح خلال حفلات الزفاف والتجمعات العائلية، ما يحول مشاهد الفرح والاحتفال إلى لحظات مقلقة قد تنتهي بإصابات وحتى وفيات. وتُثار تساؤلات واسعة حول استمرار هذه السلوكيات التي لا تعكس مظاهر الفرح بقدر ما تثير المخاوف وتؤثر سلباً على الأمن والسلامة العامة، مع تضاعف مسؤولية المجتمع لمواجهة مثل هذه الممارسات وإنهائها.
المحامي والمستشار القانوني سعد علي الشهراني أكد في تصريحات صحافية أن إطلاق النار أثناء المناسبات الاجتماعية يعد جريمة متكاملة الأركان بحسب النظام السعودي، وتندرج ضمن الجرائم الكبرى التي تقتضي التوقيف. أشار الشهراني إلى أن نظام الأسلحة والذخائر شدد على تجريم حمل السلاح في التجمعات والمناسبات الاجتماعية حتى إذا لم يُستخدم، مستشهداً بما تضمنته المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية التي تمنع حمل السلاح في الأماكن العامة كالمدارس والدوائر الحكومية.
وأوضح المحامي أن الشخص الذي يقتصر على حمل السلاح دون إطلاق النار يواجه غرامة مالية تصل إلى ألف ريال، بينما يتعرض من يطلق النار للسجن لمدة قد تبلغ عاماً بالإضافة إلى غرامة خمسة آلاف ريال. وفي حال كان السلاح غير مرخص، يمكن أن تصل العقوبة إلى السجن ثمانية عشر شهراً مع غرامة ستة آلاف ريال، مما يعكس جدية التشريعات في التصدي لهذه الظاهرة.
أما المحامي عبدالله الكاسب، فأكد أن تكرار إطلاق النار في الأفراح وخاصة خلال الصيف بات يشكل مصدر قلق متزايد، مشيراً إلى أن بعض الأفراد يواصلون استعراض الأسلحة بصورة غير مسؤولة دون اعتبار للتبعات الخطيرة. وأوضح الكاسب أن النظام واضح في معاقبة من يستعمل الأسلحة النارية لغير أغراضها أو يسمح للآخرين باستخدامها أو يحملها في أماكن أو أوقات يحظرها النظام، وينص صراحة على عقوبات بالسجن والغرامة بحق المخالفين.
وفي جانب اجتماعي، تناولت الأخصائية الاجتماعية الجوهرة العبيدي خطورة هذه السلوكيات، مشيرة إلى أن إطلاق النار خلال المناسبات يمثل انتهاكاً صارخاً لمعنى الفرح ويعرض الأرواح للخطر، وقالت إن حوادث مؤلمة وقعت في بعض الزواجات بسبب رصاصة طائشة أو استعراض غير محسوب، في حين تؤكد المشاهدات أن مثل هذه الحوادث كان بالإمكان تجنبها بسهولة.
وأشارت العبيدي إلى التغير الواضح في موقف المجتمع تجاه هذه الممارسات، حيث تشهد الظاهرة تراجعاً مستمراً بفعل تصاعد حملات التوعية ورفض الأسر والإعلام لتحويل الأفراح إلى أحداث مأساوية. ورغم فعالية القوانين والأنظمة، شددت الأخصائية الاجتماعية على أهمية الدور المجتمعي في ترسيخ مفهوم الفرح الآمن والتنبيه على ضرورة غرس القيم الحقيقية عند الأجيال الجديدة، بحيث يصبح تقدير الحكمة والالتزام مفهوماً أساسياً بعيداً عن ارتباط الفرح بالسلاح أو الاستعراض الخطر.