نجران وجهة زراعية واعدة تستقطب المستثمرين بفرص متنوعة وتقنيات ذكية متطورة

نجران وجهة زراعية واعدة تستقطب المستثمرين بفرص متنوعة وتقنيات ذكية متطورة

تعتبر منطقة نجران جنوب السعودية من أبرز المناطق التي تشهد تحولاً نوعياً في القطاع الزراعي، إذ أضحت وجهة مفضلة للمستثمرين المحليين والدوليين بفضل ميزاتها البيئية والمناخية وتبنيها تقنيات الزراعة الذكية. وتتمتع المنطقة بمناخ متنوع يمزج بين الاعتدال وارتفاعها الجغرافي الذي يصل لأكثر من ألف ومئتي متر فوق سطح البحر، الأمر الذي وفر ظروفاً مثالية لزراعة مختلف المحاصيل، لا سيما الفاكهة والخضراوات، طوال أشهر السنة مع الحفاظ على جودة عالية وثبات في حجم الإنتاج.

وتعمل منطقة نجران على دعم التنوع الإنتاجي الزراعي عبر استخدام أساليب متقدمة مثل الزراعة المحمية، والتي حققت نجاحاً ملحوظاً في إنتاج أصناف من الطماطم والخيار والفلفل والفاصوليا على مدار السنة. ونجحت هذه التقنية في تقليص استهلاك المياه بنسبة تصل إلى سبعين بالمئة مقارنة بالزراعة التقليدية، وتعد خياراً استثمارياً مربحاً بدعم من الحكومة التي تركز على تعزيز الاستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية.

في ظل هذا التوجه، تصاعدت زراعة البُن في المنطقة بصورة لافتة إذ زاد عدد أشجار البُن المزروعة من أربعة آلاف شجرة فقط عام 2022 إلى ما يزيد عن 116 ألف شجرة موزعة على 111 مزرعة حالياً، وبذلك أصبحت نجران واحدة من أهم مناطق إنتاج البُن المختص في السعودية، وشاركت مؤخراً في فعاليات دولية بمجال القهوة المختصة، مثل مهرجان كوبنهاغن 2024.

وتشهد الزراعة في نجران توسعاً في محاصيل العنب الذي يتميز بنضج مبكر يصل إلى عشرة أيام عن بقية مناطق المملكة، ما يعزز تنافسيته في الأسواق المحلية. ويشمل التنوع الزراعي أيضاً أصناف التين والفراولة والحمضيات، إلى جانب نجاح تجارب استزراع نباتات جديدة كالفول والسمسم ونبتة الاستيفيا.

تسعى المنطقة إلى مواجهة تحديات شح المياه عبر اعتماد أنماط الزراعة من دون تربة، مثل الزراعة المائية أو عبر الأوساط الخاملة كالصوف الصخري ونشارة الخشب والبيتموس، حيث حققت هذه النماذج تجارب ناجحة في إنتاج الورقيات والخضراوات مع رفع كفاءة استهلاك المياه.

في سياق آخر، تشكل الاستفادة من المخلفات الزراعية محوراً رئيسياً في جهود الاستدامة بنجران، إذ يتم تدوير المخلفات النباتية والحيوانية إلى سماد أو أعلاف تسهم في تحسين خصوبة الأرض وترشيد التكاليف وتقليل الملوثات الناتجة عن الحرق.

يلعب مركز استدامة دوراً مهماً في دعم الاستثمار الزراعي بالمنطقة، حيث يعمل على حفظ وتطوير أصناف الحمضيات والنخيل النادر وإدخال أصناف جديدة من المانجو ومحاصيل أخرى واعدة عبر إجراء تجارب زراعية ميدانية. كما أنتج المركز 1.7 مليون شتلة مطعمة مؤخراً، تضم أصنافاً مقاومة للجفاف والملوحة وملائمة لمناخ المنطقة، ما يدعم استقرار وحماية الإنتاج من تقلّبات الطقس.

وتضم نجران حالياً أكثر من خمسة آلاف مزرعة تغطي مساحة تتجاوز سبعة وعشرين ألف هكتار، ويجمع الخبراء على أن توافر عوامل المناخ الملائمة والموقع الجغرافي والدعم الفني، إلى جانب مواكبة الابتكار في الزراعة، جعل من نجران نموذجاً للفرص الزراعية المستدامة ووجهة جاذبة لرؤوس الأموال الساعية إلى قطاع ذي مردود اقتصادي كبير وواعد.