إدارة القيم تقي المؤسسات من الفساد وتعزز نجاح الحوكمة وفق “السلمي”

إدارة القيم تقي المؤسسات من الفساد وتعزز نجاح الحوكمة وفق “السلمي”

أكدت الدكتورة سارة بنت سعدي السلمي، المستشارة في مجال الجودة وقياس الأداء، أهمية ترسيخ إدارة القيم في المؤسسات كخطوة أساسية لتعزيز النزاهة ومنع الفساد المؤسسي، إذ ترى أن هذا النهج يسهم في تحويل الثقافة التنظيمية ويزيل النظرة السلبية التي تربط الحوكمة بتقليل مرونة المؤسسات أو تقييد استقلاليتها. وأوضحت السلمي أن تطبيق أنظمة الحوكمة بشكل صحيح يؤدي إلى تحقيق نجاحات مؤسسية مستدامة، ويساعد في استثمار القدرات التنظيمية وتعزيز الاستثمار والعدالة والمساواة، ما ينتج عنه بيئة عمل محفزة وجاذبة ومثالية لنمو الإبداع والابتكار.

وذكرت السلمي أن بناء ثقافة القيم ينطلق من قادة المؤسسات ليصبح نهجاً سائداً في سلوك الموظفين، وهو ما يعزز من منظومة القيم الحاكمة ويرسخ مبادئ الشفافية والعدالة، بحيث تدار المهام والمؤسسات في وضوح تام، مدعومة بأنظمة تحفيز مادي ومعنوي تعزز العدالة الوظيفية. وأضافت أن وجود أنظمة معلنة تضمن تكافؤ الفرص يساهم في ترسيخ الحوكمة، ويضبط العلاقة بين أصحاب المصلحة، ويضمن توفر بيئة عمل متوازنة تراعي مبادئ الإنصاف والشفافية والمساواة، مؤكدة أن هذا الأمر يدفع القيادات لاتخاذ قرارات أخلاقية كعنصر أساسي في التنمية الإدارية المستدامة، ويلعب دوراً محورياً في رفع مستوى كفاءة الأداء التنظيمي والقدرة على اتخاذ القرارات بمسؤولية كاملة وشفافية واضحة.

وشددت الدكتورة السلمي على أن الفساد المؤسسي يعد أهم معوقات تطبيق الحوكمة، لافتة إلى أنه إذا انتشر الفساد في بيئة العمل، سواء كان إدارياً أو مالياً، فإنه يؤدي إلى تراجع الأداء وحرمان الموظفين والمواطنين من العدالة وتدهور ثقة المجتمع بالمؤسسات الحكومية. وترى أن التصدي للفساد يتطلب تعزيز الشفافية والنزاهة وتوفير آليات فاعلة للإبلاغ عن كل صوره وأشكاله، من أجل بناء بيئة مهنية قائمة على العدالة والمصداقية وتكافؤ الفرص.

وأشارت السلمي إلى أن الفساد الإداري يشكل خطراً لا يقل عن الفساد المالي، حيث يؤدي إفرازاته إلى هدم المؤسسات وإيذاء الأفراد والمجتمع وإعاقة التنمية واستنزاف الموارد البشرية وانتهاك حقوق الإنسان، مؤكدة أن من أبرز أشكال الفساد الإداري في المؤسسات الحكومية هي تفضيل الأصدقاء أو المقربين في التعيينات والترقيات والمكافآت، إلى جانب منح امتيازات دون وجه حق واستغلال السلطة لأغراض شخصية، الأمر الذي يتسبب في تراجع العدالة الوظيفية وإضعاف ثقة الجميع بالمؤسسة.

وأكدت مستشارة الجودة وقياس الأداء صعوبة رصد الفساد الإداري وإثباته، خاصة في ظل ضعف الثقافة المؤسسية الرادعة لهذه الممارسات، وهو ما يجعله أكثر خطورة وتأثيراً من الفساد المالي الذي غالباً ما تتوفر له أدلة ملموسة. فالفساد الإداري يتسم بالاستمرار والتغلغل داخل المؤسسات ويؤثر على مستقبل الأوطان بدرجة أعلى من الفساد المالي الذي قد يكون عابراً أو محدود الأثر.

وبيّنت السلمي أن الحوكمة لا تقتصر على فرض الأنظمة وإنما تعني مراجعة وتقييم الإجراءات بشكل مستمر لتصحيح المسار وضمان النزاهة وحماية حقوق جميع العاملين، مطالبة المسؤولين بعدم التهاون أمام أي إجراء قد يسبب الضرر مهما كان بسيطاً، معتبرة ذلك شكلاً من أشكال الفساد الإداري الذي يجب مواجهته حرصاً على مستقبل المؤسسات والوطن.