خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي اليوم: أبرز القضايا والمحاور

خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي اليوم: أبرز القضايا والمحاور

شهدت خطب الجمعة اليوم في المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة دعوة المسلمين للتقوى والالتزام بمنهج الله، حيث أكد الخطيبان على أهمية التمسك بالطاعة والخوف من الوقوع في معصية الله، وذكرا أن عبادة الله ومراقبته تُعد حصنا منيعًا وسبيلًا للنجاة في الدنيا والآخرة. وقد تطرقت خطبة المسجد الحرام إلى واقع الفتن والحوادث التي تعصف بالأمة، وأشار الشيخ عبدالرحمن السديس إلى أهمية التأمل في قصص الأنبياء لما فيها من عبر ودروس، خاصة بمناسبة استهلال عام هجري جديد يذكّر بأحداث تاريخية عظيمة مثل قصة موسى وهجرة النبي محمد، ويوم عاشوراء الذي جاء بالنصر والفرج على النبي موسى وقومه، وأكد على أن القراءة الواعية لهذه الأحداث تقوي التفاؤل والثقة بالله وتحث على العمل المتقن.

استعرض إمام المسجد الحرام في خطبته تفاصيل قصة نبي الله موسى حين أوحى الله إليه وإلى أخيه هارون بالذهاب إلى فرعون ودعوته إلى التوحيد. وأشار إلى ضرورة اعتماد اللين والحكمة في الدعوة إلى الله، مبرزا مشهد هروب موسى وبني إسرائيل من فرعون وكيف كان يقينه بالله سببًا في النجاة، حيث شق الله البحر وأنجى عباده وأغرق عدوهم. ونوّه إلى فضل يوم عاشوراء وصيامه امتنانا لنعم الله وتحقيقا للعبرة من هذه الحوادث، وأن النصر ثمرة التوكل والثقة بالله كما حدث للأنبياء وأتباعهم.

كما سلّط الشيخ السديس الضوء على الهجرة النبوية وما حملته من معانٍ في التفاؤل والاستبشار بنصر الله، مُشيرًا إلى مواقف النبي محمد مع صاحبه أبي بكر في الغار، والتي أظهرت اليقين التام بمعية الله للمؤمنين وحمايته لهم في أوقات المحن. ودعا السديس إلى الاعتزاز بهذه الأحداث، وحث الأمة على التمسك بتأريخها وحضارتها ورسالتها المتجددة، مع التأكيد على ضرورة استلهام العبر من قصص الأنبياء وتعزيز حُسن الظن بالله في كل الظروف.

وأكد إمام المسجد الحرام أن مواجهة الفتن تقتضي التضرع إلى الله، والإكثار من التوبة والاستغفار، وعدم الانشغال بأمور لا تعني الفرد، وإحالة الأمور إلى أهلها، مع نبذ العنف والسعي إلى الوئام وبناء المجتمعات وتقديم التنمية على النزاع والخراب. وأشار إلى أن هدي موسى وهجرة النبي محمد يمثلان نموذجًا عمليًا للنجاة في الأوقات العصيبة من خلال التمسك بالشريعة وحسن التوكل على الله.

وفي المسجد النبوي الشريف، شدد الشيخ صلاح البدير في خطبته على ضرورة التزام التقوى ومراقبة الله في كل عمل، مشيرًا إلى أن تقوى الله هي منبع كل فضيلة وملجأ الأمان للنفس، وأن المواظبة عليها سبيل الفلاح في الدنيا والآخرة. وأوضح أن ذكر الله أساس نجاح الروح وسعادتها، فهو ينعش القلب ويقوي الإيمان ويملأ النفوس بالسرور والطمأنينة كما جاء في قول الله تعالى “واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون”، وأن من حافظ على الذكر تتوالى عليه الخيرات والبركات وتبتعد عنه الأحزان والمصائب.

وعرض إمام المسجد النبوي الآيات والأحاديث التي تؤكد فضل الذكر وضرورة دوام اللسان به في كل الظروف والأحوال، سواء في البيع أو الشراء أو خلال الحياة اليومية. ونقل عن النبي محمد توصيته بأن يبقى اللسان رطبًا بذكر الله، ودعا المسلمين إلى اغتنام هذه العبادة في كل الأوقات لما لها من أثر في جلاء القلوب، وإزالة الهموم، وانشراح الصدور.

وأشار الشيخ البدير إلى نتائج الذكر الإيجابية في حياة المسلم، مبينًا أنه يجعل صاحبَه في معية الله، ويجلب له الخير ويدفع عنه الكروب والأذى، ولا يُذكر الله في مصيبة إلا وخفَّت حدتها، مبينا أن كثرة الذكر سبب في حصول السكينة وذهاب القسوة عن القلوب. وحث المصلين على المحافظة على الأذكار والأدعية الواردة، والإكثار من ذكر الله في كل حين، نظرا لما يحمله ذلك من الأجور العظيمة التي لا يمكن وصفها مهما قيل.