شهدت السعودية خلال صيف العام الماضي ارتفاعاً ملحوظاً في حالات التسمم الغذائي، حيث سجلت وزارة الصحة زيادة بنسبة 22 بالمئة في الإصابات مقارنة بالفترات السابقة. ويأتي هذا التصاعد في ظل موجات الحر الشديد التي تشهدها المملكة في فصل الصيف، مصحوبة بزيادة في وتيرة السفر والحركة بين المدن والدول، مما يضاعف من احتمال التعرض للأطعمة والمشروبات الملوثة نتيجة ضعف عمليات التخزين والتبريد في الأجواء الحارة.
تشير تقارير الصحة إلى أن ارتفاع درجات الحرارة خلال الموسم الصيفي، الذي يصادف أيضًا تزايد النشاط السياحي، يخلق بيئة مناسبة لنمو البكتيريا الممرضة في الأغذية عند عدم حفظها بالشكل السليم. وتبدو تحديات الأمراض المرتبطة بالسفر، مثل داء المسافرين، أكثر حدة في البلدان ذات المناخ الصحراوي الحار مثل السعودية، حيث قد تتجاوز درجات الحرارة 45 درجة مئوية، ما يعرض الأطعمة لاحتمال التحول السريع إلى مصدر للعدوى حتى عند تأخر التبريد لساعات قليلة.
الدكتور نبيل مردد، المتخصص في علم الأحياء الدقيقة الطبية بجامعة مانشستر، أوضح أن داء المسافرين يعد واحدًا من الاضطرابات الشائعة والتي تصيب الأفراد عند استهلاكهم أطعمة أو مشروبات ملوثة أثناء تنقلهم أو أسفارهم، خصوصًا إلى مناطق تختلف فيها معايير الصحة والسلامة الغذائية. وأرجع مردد هذه الإصابات غالباً إلى أنواع من البكتيريا التي تزدهر وتتكاثر بسرعة في الأطعمة المعرضة للحرارة أو المخزنة بطرق غير سليمة.
ومن بين أشهر البكتيريا المرتبطة بحالات التسمم الغذائي خلال الصيف، تأتي الإشريكية القولونية التي تنتقل عادة من خلال الماء أو الطعام الملوث وتسبب أعراض الإسهال وآلام البطن، بالإضافة إلى السالمونيلا الشائعة في البيض واللحوم غير المطهوة جيداً والتي تصاحبها الحمى والغثيان والإسهال الشديد. كذلك تُعد الشيغيلا من الميكروبات التي تنتقل عبر الأيدي الملوثة أو الأطعمة المحضرة دون الالتزام بمعايير النظافة، وتؤدي إلى الإسهال الحاد.
وتشمل القائمة أيضاً الكمبيلوباكتر التي تتواجد عادة في الدواجن غير المطهية جيدًا وتسبب الحمى والإسهال، إلى جانب الضمة الكوليرية والتي تنتشر عبر مياه الشرب غير النظيفة وتؤدي إلى إسهال حاد قد يرافقه جفاف سريع. الليستيريا التي تظهر في منتجات الألبان غير المبسترة تشكل بدورها خطراً خصيصاً على النساء الحوامل وكبار السن، فيما يفرز كل من المكورات العنقودية الذهبية والكلوستريديوم سمومًا قوية في الأطعمة المخزنة بحرارة مرتفعة، ما يؤدي إلى تسمم غذائي سريع الحدوث.
تفاقم انتشار هذه البكتيريا خلال فصل الصيف ينعكس، بحسب الدكتور مردد، نتيجة لضعف سلاسل التبريد وغياب الالتزام بالممارسات الصحية في بعض المنشآت الغذائية. ومع تزايد السفر داخليًا وخارجيًا، تبرز أهمية الوعي الصحي والتثقيف المستمر حول النظافة الشخصية وسلامة الغذاء لأجل الحد من الإصابات.
يشدد الخبراء على أن الوقاية من داء المسافرين تبدأ بالحرص على التحقق من مصادر الطعام والشراب والالتزام بتعليمات النظافة العامة، وتجنب استهلاك الأطعمة المكشوفة أو المشتراة من أماكن مجهولة المصدر. فصل الصيف يشهد تزايد المخاطر الصحية المرتبطة بالأغذية والمشروبات، والتي يمكن الحد منها عند اتباع تعليمات السلامة والانتباه للنظافة الشخصية.